في حوار حصري مع صحيفة إل إنديبندينتي الإسبانية، قدّم جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي الأميركي وممثل الولايات المتحدة الأسبق لدى الأمم المتحدة، قراءة صريحة ومعمّقة لمسار النزاع في الصحراء الغربية، متحدثًا عن مسؤوليات الرباط وواشنطن والأمم المتحدة على حدّ سواء، ومؤكدًا أن قرار الرئيس السابق دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية المزعومة ليس نهائيًا، بل قابل للتراجع في أي لحظة.
« الاستفتاء هو الحل الوحيد »
أكد بولتون بلهجة حاسمة أن « السياسة الأميركية يجب أن تعود إلى جذورها الأصلية » التي بُنيت على دعم استفتاء حرّ يتيح للشعب الصحراوي ممارسة حقه في تقرير المصير. وأضاف:
« هذه المقاربة تمثل الأساس القانوني والإنساني للحل العادل لهذا النزاع المستمر منذ عقود ».
وشدد على أن جبهة البوليساريو، من منظوره، هي الممثل الشرعي الوحيد للصحراويين، رغم محاولات المغرب تصنيفها « منظمة إرهابية »، معتبرًا تلك المحاولات مجرد أدوات ضغط إعلامي وسياسي تفتقر لأي أسس قانونية أو موضوعية.
اتهامات الربط مع إيران « لا أساس لها »
في معرض تفنيده الاتهامات المغربية بوجود صلات بين البوليساريو وإيران، أوضح بولتون أن:
« الادعاءات حول تأثر الصحراويين بالدعاية الشيعية لا أساس لها في الواقع الميداني »،
مشيرًا إلى أن المنظمات الإنسانية والدينية الأميركية موجودة في مخيمات اللاجئين منذ سنوات طويلة وتقدّم التعليم والرعاية الصحية دون أي ارتباط بأجندات خارجية مشبوهة.
مسؤولية الأمم المتحدة… وغياب الإرادة السياسية
استعرض بولتون تاريخ المبادرات الأممية المتعثرة، بدءًا من تشكيل بعثة المينورسو سنة 1991، مرورًا باتفاقيات هيوستن التي جدّد فيها المغرب التزامه بالاستفتاء، وصولًا إلى تعطّل التنفيذ بفعل « غياب الإرادة السياسية لدى الرباط ».
وأضاف:
« من المدهش أن المغرب يماطل منذ أكثر من 25 عامًا، رغم أن تنظيم الاستفتاء كان ممكنًا بسهولة في البداية ».
ولم يتوان بولتون عن تحميل الأمم المتحدة جزءًا من المسؤولية بسبب عجزها عن فرض تنفيذ قراراتها رغم بساطة مضمونها، معتبرًا أن هذا الفشل يضعف مصداقية المنظومة الأممية في القضايا المعقدة.
قرار ترامب… خطوة قابلة للتراجع
تطرّق بولتون إلى قرار ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية، موضحًا أنه اتخذ في سياق أوسع ارتبط بتوقيع اتفاقيات إبراهيم وليس بدراسة معمّقة للملف الصحراوي.
وكشف بوضوح:
« يمكن للرئيس الأميركي السابق التراجع عن القرار إذا أراد… هذا الاعتراف لم يكن نابعًا من قناعة راسخة ».
وأكد أن الولايات المتحدة تملك مساحة واسعة لإعادة صياغة موقفها من خلال الاعتراف بحكم الأمر الواقع مع الإبقاء على التزامها بمبدأ الاستفتاء، ما يتيح « حلًا تفاوضيًا أكثر توازنًا ».
مواقف داعمة للاستفتاء داخل الكونغرس
في ختام حديثه، استحضر بولتون مواقف السيناتور الراحل جيم إينهوف، الذي وصفه بأنه كان « الأكثر دراية بملف الصحراء الغربية »، مشيرًا إلى دعمه القوي لبعثة المينورسو وخيار الاستفتاء، رغم تحوّل موقفه في أواخر عهدة ترامب.
تحوّلات استراتيجية وإعادة ترتيب التحالفات
يؤكد بولتون أن مستقبل النزاع مرتبط بإرادة الأطراف الفاعلة لإعادة تفعيل المسار الأممي وإعادة التوازن لمواقف واشنطن، خصوصًا في ظل إعادة ترتيب التحالفات في المنطقة منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم.
#الصحراء_الغربية #بولتون #ترامب #الولايات_المتحدة #المغرب #الجزائر #البوليساريو #اتفاقيات_إبراهيم #الأمم_المتحدة #رأس_المال